طارق حجي (مواليد 12 أكتوبر 1950 في بورسعيد، مصر) هو كاتب ومفكر ليبرالي بارز في…
إدمون جابيس هو شاعر وكاتب فرنسي من أصل مصري من مواليد القاهرة (16 نيسان 1912 – 2 كانون الأول 1991) لعائلة تنتمي إلى الشريحة البرجوازية المصرفية اليهودية لكنه ترك مصر عام 1957 مهاجراً إلى فرنسا إثر تأميم المصرف الذي كانت تمتلكه العائلة وبسبب الأوضاع التي أحاقت بالأقلية اليهودية نتيجة مشاركة إسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر.
كان جابيس في مرحلته المصرية وطنياً ليبرالياً يجد في المجتمع الأوربي مثالاً لتطوّر المجتمع المصري وأسَّس مجلة باللغتين الفرنسية والعربية عبّر فيها عن ميوله السياسية كما أسَّس جمعية ثقافية اجتماعية باسم «الصداقات الفرنسية» قامت بدعوة كبار الكتاب الفرنسيين مثل: أندريه جيد André Gide، روجيه كايوا Roger Caillois هنري ميشو Henri Michaux إلى زيارة مصر.
ويحدث التحول الكبير له قبل مغادرة باريس حيث ينشر أول ديوان له في باريس عن دار أوجين فيجير واسمه “أوهام عاطفية” ويتبع هذا الديوان بديوانين آخرين حين عودته للقاهرة واحد باسم “أنتظرك” والآخر باسم “إلي أمي”وبمجرد أن يعود إلي مصر يمارس نشاطه الثقافي بشكل واسع حيث يقابل في القاهرة الشاعر الإيطالي الكبير جان موسكاتيللي ويقرر بإيعاز من موسكاتيللي الانضمام الي أنشطة تحارب الفاشية وكان من الممكن أن ينجرف جابيس في هذه الفترة إلي العمل السياسي لكنه ظل علي إخلاصه للشعر بالرغم من نشاطه السياسي الواضح كما أن هذا لم يمنعه من الانضمام إلي أكبر وأهم منظمة نشأت في القرن العشرين لمحاربة الصهيونية والتنديد بها وفيها تعرف علي المحامي اليهودي الشهير ليون كاسترو والذي يعزي إليه تأسيس أول حزب شيوعي بمصر بل والشرق الأوسط قاطبة.
وفي هذه الفترة أيضا يكتب جابيس مجموعة قصائد فانتازية بعنوان »علي غير هدي« والذي قدم له صديقه الأديب العالمي ماكس جاك وفي عام 1935 يشارك جابيس في مؤتمر موناكو كأديب مصري معاصر “كما يحب أن يقدم نفسه دائما”, يقول الشاعر الفرنسي الشهير بول إيلوار: “منذ أن عرفت جابيس عام 1937 عرفت فيه شخصا وهب نفسه للشعر و للفكر وللحب, والحب عند جابيس له مقاييس مختلفة ومغايرة لفكرة البشر فالحب عنده هو حب لكل البشر ودواء لكل الجروح, جابيس حالم ونقي ويسبق قيم عصره الشعرية ويضع روائح وعطور وتوابل فوق كلماته موطنها مصر والشمس الساطعة دوما خلف أحجار الزمن التي تحكي حواديت تلك الوطن الحقيقي”.
قدم جابيس في مصر أحد عشر ديواناً شعرياً باللغة الفرنسية أبرزها ديوان «أغانٍ لوجبة الشعير» (1943) Chansons pour le repas d’ogre، و«بنيت مسكني» (1943) Je bâtis ma demeure، و«عن بياض الكلمات وسواد الدلالات» (1953) Du Blanc des mots et du noir des signes وتميز نتاج جابيس في هذه الفترة بتعلقه بالقيم الإنسانية الكونية التي نظَّرت لها فلسفة عصر التنوير في فرنسة أمَّا على مستوى الشكل فتندرج الكتابات الأولى في تيار الإبداعية (الرومانسية) الجديدة لكن بدءاً من عام 1950 يبدو التأثُّر بالسريالية واضحاً وخاصة بالشاعر الفرنسي پول إيلوار الذي وضع عنه جابيس عام 1955 كتاباً نقدياً.
وفي فرنسا صدر لإدمون جابيس ما يقرب من عشرين كتاباً يدور معظمها حول سؤالين جوهريين: الكتابة والهوية اليهودية, فقد شكلت روح العداء للسامية التي لقيها في فرنسة صدمة دفعته إلى طرح السؤال عن هويته العصيّة على التعيين, وعن كيفية التعبير عن قلقه هذا بوساطة كتابة تتجاوز الشعر والنثر وتتجاوز الأجناس الأدبية التقليدية لتصل إلى كتابة قلقة هي الأخرى وهذا ما يظهر في أهم أعماله على الإطلاق «كتاب الأسئلة» Le livre des questions وهو من سبعة أجزاء صدرت تباعاً بين 1963 و1976.
This Post Has 0 Comments