skip to Main Content

داؤد الجلبي: طبيب ومؤرخ وعالم موسوعي

وُلد داؤد بن محمد سليم بن أحمد بن محمد الجلبي في عام 1297 هـ (1879 م) في الموصل، وتوفي في عام 1379 هـ (1960 م) في الولايات المتحدة الأمريكية. كان داؤد الجلبي شخصية بارزة في مجال الطب والفكر العربي، وامتاز بمعرفته الواسعة ومساهماته العديدة في الثقافة والعلوم.

التكوين العلمي والمسيرة المهنية

كان داؤد الجلبي من أسرة لها تاريخ طويل في الطب والفكر. فوالده وجده كانا من الأطباء المعروفين بالطب اليوناني العربي، ولجده محمد الجلبي مؤلفات في علوم متنوعة مثل الفلك والجغرافيا. تلقى داؤد تعليمه الطبي في الكلية الطبية العسكرية في إسطنبول، وتخرج عام 1909 برتبة يوز باشي (رئيس).

عمل الجلبي طبيباً في الجيش العثماني، ولكن قبيل الحرب العالمية الأولى، عارض النقل إلى أرضروم بسبب مخاوفه من الاغتيال نتيجة دعوته للاستقلالية للعراق. في عام 1918، أسس نادي القلم وشارك مع ساطع الحصري في تأسيس الجمعية الثقافية العربية في بغداد. كما شغل منصب طبيب في الجيش العراقي عام 1924، وانتخب عضواً في المجلس التأسيسي العراقي وساهم في لجنة تدقيق المعاهدة العراقية البريطانية.

كان له موقف بارز في القضايا السياسية، حيث عارض منح الملك فيصل الأول حقوقاً واسعة في الدستور، مطالباً بتقليصها لتصبح شبيهة بما هو معمول به في إنكلترا. هذا الموقف سبب له توتراً مع الملك فيصل الأول، الذي كان طبيبه الخاص. وبعد فترة، عُفي الجلبي من مهمته نتيجة هذا الصراع.

الأعمال والمساهمات الثقافية

عاد داؤد الجلبي إلى عمله كطبيب بعد حل المجلس، وتولى منصب مدير الأمور الطبية في الجيش العراقي عام 1930، وبتأثيره على الصحة العامة، شغل أيضاً منصب مدير الصحة العامة بشكل مؤقت. رغم علاقاته الودية مع السياسيين، فقد أحيل على التقاعد في عام 1933 بسبب مواقفه السياسية المتشددة.

في فترة لاحقة، عاد إلى الموصل لمزاولة مهنة الطب، وكان يتمتع بسمعة طيبة وكفاءة نادرة في مجاله. كما كان له دور كبير في المجتمع الأكاديمي، حيث انتخب رئيساً لجمعية الثقافة العراقية وعضواً في عدد من المجامع العلمية، مثل المجمع العلمي العربي بدمشق ومجمع اللغة العربية في القاهرة.

مؤلفاته

ترك الجلبي إرثاً علمياً كبيراً، حيث كتب العديد من الكتب والبحوث التي أسهمت في إثراء المعرفة الطبية واللغوية. من أبرز مؤلفاته:

  • إصلاح حروفه دائر (باللغة التركية، 1326 هـ)
  • مخطوطات الموصل (1927)
  • الآثار الآرامية في لغة الموصل العامية (1935)
  • كتاب الطبيخ لمحمد بن الحسن البغدادي (1934)
  • رسالة محمد بن زكريا الرازي (1948)
  • كتاب الفند يداد (1952)
  • كلمات فارسية مستعملة في عامية الموصل (1960)

كما كان له مخطوطات قيمة مثل تاريخ أربل ومعجم مصطلحات أمراض الجلد.

التراث والإرث

اعتبر الجلبي من الرواد في دراسة المخطوطات في المنطقة، حيث سعى لتوثيق وترتيب المخطوطات الموجودة في مدارس الموصل ومكتباتها، مما ساهم في الحفاظ على التراث الثقافي العربي.

توفي داؤد الجلبي عام 1960 إثر نوبة قلبية، تاركاً وراءه إرثاً علمياً وثقافياً مهماً يشهد له بالكفاءة والإسهام الفعال في الطب والعلوم الإنسانية.

This Post Has 0 Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top