عبد الحفيظ بن الحسن

السلطان عبد الحفيظ بن الحسن العلوي، المعروف في المغرب باسم مولاي عبد الحفيظ، وُلد في 24 فبراير 1876 في فاس وتوفي في 4 أبريل 1937 في إغيل ليبا. تولى حكم المغرب من عام 1908 حتى 1912، ثم تنازل عن العرش لأخيه يوسف بن الحسن بعد توقيع معاهدة فاس.

مسيرته

تلقى السلطان عبد الحفيظ تعليمه في قبيلة أحمر، حيث برزت نبوغه في العلوم الفقهية والأدبية، واعتُبر عالمًا وشاعرًا مميزًا. بعد وفاة والده في عام 1894، تولى أخوه عبد العزيز الحكم، وكلف عبد الحفيظ بمهام إدارية وعسكرية، لكنه لم ينقطع عن اهتمامه بالثقافة والمعرفة.

في عام 1901، تولى عبد الحفيظ منصب خليفة مراكش، وكان معروفًا باهتمامه بالمجال الثقافي والعلمي، حيث كان يجلس مع العلماء والأدباء، ومن بينهم الشيخ ماء العينين الذي أجاز عبد الحفيظ إجازة عامة في عام 1904.

الضغوط الأوروبية والتنازل

عُرف السلطان عبد الحفيظ بمواقفه الوطنية ضد الضغوط الأوروبية التي كانت تسعى للتدخل في شؤون المغرب. في عام 1906، ضغوط القوى الاستعمارية أدت إلى توقيع وثيقة الخزيرات التي فرضت إصلاحات غير ملائمة للسيادة المغربية. وقد عارض هذه الوثيقة مجموعة من العلماء والمفكرين المغاربة، مما أدى إلى توتر شديد في الوضع السياسي.

تحت الضغوط المتزايدة من القوى الاستعمارية، وتحت تأثير الأحداث الداخلية مثل محاولة بوحمارة (شخص انتحل شخصية شقيق السلطان)، أصبح الوضع لا يُحتمل بالنسبة للسلطان عبد الحفيظ. وقد أدى ذلك إلى تنازله عن العرش في 25 أغسطس 1912، وتعيين أخيه يوسف بن الحسن سلطانا بدلاً منه.

المؤلفات

خلف السلطان عبد الحفيظ العديد من المؤلفات في مجالات مختلفة مثل الشعر والسياسة والتاريخ والشريعة. من بين مؤلفاته:

“كشف القناع عن اعتقاد الابتداع”
“داء العطب قديم”
“إعلام الأفاضل والأكابر بما يقاسيه الفقير الصابر”، حيث رد على الاتهامات التي وُجهت له بالتطلع للملك في عام 1906.
“براءة المته”، كشف فيه عن دور بعض النخبة المغربية في التعاون مع الفرنسيين وأوضح كيف أنه أجبر على توقيع معاهدة الحماية.
“السبك العجيب”، نظم لمغني اللبيب عن كتب الأعاريب.

كما كتب قصائد تعكس تجاربه وأفكاره، مثل:

“قصيدة الطامة الكبرى”
“قصيدة لَسْعُ العقارب والأفاعي في إفشاء خبيث المساعي”
“قصيدة في الحماية والحماة (ميمية)”

عبد الحفيظ كان شخصية محورية في تاريخ المغرب الحديث، حيث مثل مرحلة حاسمة من الصراع بين السيادة الوطنية والضغوط الاستعمارية، وساهم في توثيق هذه الفترة عبر مؤلفاته وأشعاره.